هل فعلا المرأة هي السبب الرئيسي في تفشي الفساد في المجتمع ؟

هابريس:

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط.

كثيرا ما تسود بين الناس افكار من قبيل أن المرأة هي السبب الرئيسي في إنتشار الفساد في المجتمع، ويتفننون في ذكر مجموعة من الأسباب التي تؤكد افكارهم وتصوراتهم تلك.
في رأيي المتواضع، فإن السبب الرئيسي في تفشي الفساد بجميع أنواعه، هو الفشل في تكوين الأسرة أي "الفشل في تأسيس أسرة سليمة".
كيف ذلك ؟
نعم، ان الفشل في تكوين اسرة سليمة، مبنية على مبادئ و قيم دينية صحيحة، هو السبب الرئيسي في تفشي الفساد بجميع أنواعه، إذ قليلا ما نجد بمجتمعنا أسرا سليمة مبنية على القيم الدينية، وتنتج أجيالا متخلقة و سليمة، تخدم المجتمع وتبنيه. 

من المعلوم أن توفير البيئة السليمة للأطفال تنتج أجيالا ذات نمو وعقل و شخصية سليمة، خالية من النواقص و الإضطرابات النفسية، من خوف و ضعف الشخصية، وهذا ما نجده فقط داخل الأسر ذات التكوين السليم و الصحيح، أما بالنسبة للأسر التي تعاني من اختلالات و إضطرابات، وتصادمات دائمة بين الزوجين، فإن الامر يختلف تمام الاختلاف على اعتبار ان كلا الطرفين يتحملان مسؤولية مشتركة في إنجاح الاسرة وسواء كانت هذه المشاكل بسبب تعاطي المخدرات أو العنف أو سوء المعاملة إلى غير ذلك من العوامل فان الضحية الاولى والاخيرة هي الأطفال. 
كيف ذلك؟

من المعلوم ان البنية الجسدية والعقلية للطفل تنمو تدريجيا وتتكون شخصيته كذلك تدريجيا، لذا فإن العنف و المخدرات و سوء المعاملة بين الزوجين ..الخ، تؤدي إلى بناء غير مكتمل لشخصية هذا الطفل ويظهر ذلك في ضعف شخصيته و الخوف، و قلة التركيز، والتي قد تقود الطفل في بعض الحالات نحو الإكتئاب وما يتبع ذلك من ادمان وانحراف، ليتحول الى شخص فاشل في حياته، عالة على مجتمعه، وبدون مستقبل. 

ان نسبة لايستهان بها من شبابنا اليوم نجدهم يتعاطونا المخدرات، و نسبة مهمة من بناتنا نجدهن لا يعرفن للحشمة و الأخلاق معنى، في نظركم ما هو سبب ذلك ؟ من المؤكد انه لو أخذنا الظروف العائلية لهؤلاء الشباب و الشابات، و توقفنا عندها بتمعن، فسنجد أن السبب فيما وصل إليه هؤلاء الشباب نابع من أسرهم، اما بسبب تعاطي الأب للمخدرات والكحول، او بسبب تقصير الزوجة و إخلالها بالتزاماتها وواجباتها في تربية ومراقبة أولادها و بناتها، او بسبب سوء المعاملة، اوالطلاق والتفكك الأسري... وغير ذلك من المشاكل الأسرية. 

ان جميع المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا، من سرقة وجرائم القتل و إنتشار الدعارة، و إنتشار أطفال الشوارع، و التسول، و الرشوة إلى غير ذلك، كلها ظواهر لها منبع واحد، الا وهو فشل الاسرة، تربية واخلاقا، بل إن الكارثة الكبرى هي تفاقم هذه الظواهر بمرور الأيام والسنوات، لتكون النتيجة النهائية هي أجيال بدون أخلاق ومجتمع يغرق اكثر فأكثر في مستنقع الفساد بجميع أنواعه. 
السؤال الذي يمكن طرحه هنا هو ما هو المفهوم الصحيح "للأسرة " ؟

في رأيي المتواضع الأسرة ليست مجرد عقد زواج بين رجل و إمراة من أجل التكاثر و الإنجاب.

فالنظام الاسري هو حقوق وواجبات على كلا الطرفين، هو تكوين أطفال أسوياء، ومتزنين نفسيا وعقليا، هو التربية المبنية على الأخلاق و القيم الدينية، و حسن المعاملة، و يكون هدفها الأسمى تكوين جيل يخدم مجتمعه ويتحمل مسؤوليته في بنائه.

لو كنا نعرف المعنى الحقيقي للأسرة، ما أصبح ابناء المغاربة يفتقرون للأخلاق و يدمنون المخدرات وبناتهم لا يعرفن معنى الحشمة و الوقار، و أباء و أمهات لا يبالون بأولادهم، و صار الكل يجري وراء الماديات و الموضة و المال بأية وسيلة، واصبحت الأخلاق تتلاشى تدريجيا حتى وصلنا إلى مستوى أصبح فيه كل شيء جائزا، ولم تعد هناك خطوط حمراء يحترمها الناس. تساءلت مرارا و تكرارا، أنه لو كنا تربينا على القيم الدينية من أخلاق و حسن معاملة، إلى غير ذلك من المبادئ الدينية التي تزرع فينا الخوف من الله، لما وصلنا إلى مرحلة كل شيء فيها مباح، و لم تعد هناك للحشمة و الأخلاق مكان، زمن صار فيه النفاق مبدأ للتعامل بين الناس و الكذب لغة للحوار. 

اصبحنا في زمننا هذا نعتبر الزواج "موضة" وصار هاجس الفتاة هو الزواج بأية وسيلة، حتى لا يقال عنها عانس.

كثيرا ما أسمع لحالات زواج لم تستمر حتى لأسبوع، لماذا؟ 

لأن الزواج صار لعبا و إستهتارا، كل شيء فقد قيمته و معناه، نجد قسم قضاء الأسرة غارقا في قضايا الأحوال الشخصية من طلاق ونفقة و عنف إلى غير ذلك من القضايا، التي تثقل كاهل المحاكم.

لماذا كل هذا ؟ لسبب بسيط ، الفهم الخاطئ للزواج و تكوين أسرة، و هذا الذي رمى بمجتمعاتنا نحو الهاوية.

بقلم: سميرة وعراب.