نصف المغاربة يعيشون ب"الكريدي". - Hapress هابــريس

عاجل

تابعنا على فيسبوك

الجمعة، 26 يونيو 2015

نصف المغاربة يعيشون ب"الكريدي".


هابريس:
قبل أيام طالعتنا المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب ببيان صحفي أكدت من خلاله أن نسبة 56% من الأسر المغربية تعتبر أن دخلها يغطي إنفاقها، في ما تلجأ نسبة 38.2% من الأسر إلى الاستدانة لتغطية نفقاتها، بينما يدخر نحو 5.8% جزءا من دخلها الشهري، وذلك خلال الربع الأول من عام 2015.

و أضافت المندوبية السامية للتخطيط في بيانها أن نحو نسبة 87.8% من الأسر المغربية ترى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت خلال الـ12 شهرا الأخيرة، في ما ترى نسبة 11.6% من الأسر أن أسعارها استقرت، بينما يرى نسبة 0.6% من الأسر أنها انخفضت، وذلك وفقا لبحث أجرته المندوبية السامية حول الإنفاق خلال الربع الأول من 2015.


هي أرقام تدعو للتأمل و التدبر ، أرقام خطيرة تؤكد أن أكثر من نصف المغاربة يعيشون ب "الكريدي" ، هذا الشبح الذي يقض مضجع غالبية المواطنين أخر كل شهر في ظل ضعف الرواتب و المداخيل.

في الأونة الأخيرة أصبح المغاربة يلتجؤون بشكل كبير للأبناك والمؤسسات المالية المختصة في السلفات و القروض قصد الاستدانة سواءا تعلق الأمر بالقروض الاستهلاكية أو من أجل تمويل عقار أو تجهيز محل ما ، هذا الأمر الذي يبدأ يسيرا و يتحول لبعبع يؤرق بال الكثير من الأسر التي تعجز عن سداد "الطريطة" في أخر الشهر.

بعد توقيع عقد القرض يصبح المستهلك المقترض أمام التزامات يجب عليه الوفاء بها، حيث ما يلبث أن يصطدم بالواقع المر عندما تبدأ الأبناك ومؤسسات القروض بالخصم من مرتبه، أو حين يبدأ بتسديد الأقساط وفوائدها، ومجمل المصاريف التي يتحملها (غالبا بغير علم) لتعمد تلك المؤسسات إلى إخفاء التكلفة الحقيقية للقرض، مما قد يؤدي به إلى الوصول إلى درجة العجز عن السداد خصوصا أمام اشتداد الأزمة الاقتصادية واشتداد الخناق على العديد من الأجراء والمستخدمين الذين قلصت أجورهم أو في العديد من الحالات كان مصيرهم الطرد، لأن المقاولات لم تعد لها القدرة على توفير مناصب شغل، ولعل إحصائيات بنك المغرب الأخيرة تؤكد أن المغاربة المتأخرين عن سداد القروض البنكية يزدادون شهرا بعد آخر و هو أمر يد ناقوس الخطر و ينذر بمستقبل مجهول.


يشير الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود إلى أن "الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون"، وهذه هي القاعدة المعروفة ب"العقد شريعة المتعاقدين" ، فعقد السلف الذي يتم بين المقترض ومؤسسات القرض يخضع بدوره للقاعدة المذكورة والمتعارف عليه أن شركة القرض تعد عقودا جاهزة للسلف، لا يتم فيها تغيير أي بنود باستثناء مبلغ القرض والمستفيد منه ومدته والأقساط الواجب أداؤها.


غالبا ما تقوم شركات القرض بإجبار المقترض على توقيع سند لأمر (Billet à Ordre) بقيمة الدين، وفي حالة توقف المقترض عن أداء أقساط الدَّين تلجأ الشركة إلى استصدار أمر بالأداء في مواجهته بناء على سند مذكور، وعليه فإن الدَّين يكون واجب الأداء إلا إذا تعلق الأمر بحالة الوفاة أو العجز الدائم الكلّي للمقترض فإن شركة التأمين المؤمَّن لديها تقوم بأداء مبلغ الدين عوضا عن المقترض ، أما عدا هاتين الحالتين، فإن مبلغ الدين يكون واجب الأداء ولا علاقة للظروف الاجتماعية للمقترض بالالتزام الملقى على عاتقه المتمثل في أداء أقساط الدين، وبالتالي فإنه لا يمكن الاعتذار بكون المقترض أصبح مريضا (دون الوصول إلى درجة العجز الكلي) أو أنه فقد عمله لأي سبب من الأسباب، فالالتزامات المتقابلة في عقد القرض تفرض على المدين أداء أقساط الدين ولاشيء يقيه منها غير الوفاة أو العجز الكلّي الدّائم.


و حسب معطيات سابقة ، فتأتي الدار البيضاء في مقدمة المدن التي تحصل على أكبر نسبة قروض استهلاك تليها جهة الرباط سلا، في حين تأتي مراكش ثالثة بين جهات المملكة قبل مدينة طنجة ، في حين تتموقع المدن الصغيرة و التي تقل بها الأنشطة الاقتصادية في ذيل الترتيب و هو ما يفسر بالتمركز الاقتصادي و وجود فئة كبيرة من الموظفين بهاته المدن الكبيرة.


المشكلة هنا ليست في المواطنين وحدهم ، بل حتى الدولة المغربية أضحت في وضع لا تحسد عليه بسبب كثرة الديون الخارجية ، فاستنادا لتقارير صادرة في بداية السنة الحالية فقد عرف حجم الدين العمومي الخارجي خلال السنة الفارطة ارتفاعا ملموسا وهو ما أكدته أرقام مديرية الخزينة والمالية الخارجية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، والتي أكدت أن حجم الدين الخارجي العمومي بالمغرب بلغ 266.9 مليار درهم هاته السنة في مقابل 234.7 مليار درهم مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة ، مسجلا بذلك ارتفاعا قدره 13.7 في المائة بزيادة (32.2 مليار درهم)، حسب أرقام المديرية، التي أوضحت في نشرتها الإحصائية الدورية المتعلقة بالدين الخارجي العمومي، متم شهر شتنبر 2014، أن تطور رصيد الدين الخارجي العمومي، الذي سجل ارتفاعا بـ 77.1 بالمائة في ما يتعلق بنسبة الفائدة الثابتة، و22.9 بالمائة بخصوص النسبة المتغيرة، أدى إلى ارتفاع يبلغ 22.3 مليار درهم بالنسبة لدين المؤسسات والمقاولات العمومية و9.9 ملايير درهم في ما يتعلق بالخزينة.


كما نشرت مجموعة من المنابر الإعلامية في الأونة الأخيرة تقريرا حديثا صادر عن معهد "ماكينزي" الأمريكي المتخصص في الدراسات ، و الذي وضع المغرب في المرتبة الأولى عربيا وإفريقيا من حيث ثقل المديونية ، حيث قدر المركز الأمريكي حجم المديونية المغربية العامة بحوالي 154 مليار يورو ليحتل بذلك المرتبة 29 عالميا.



وكشف ذات التقرير أن قروض المغرب ارتفعت بشكل كبير خلال العام الماضي، حيث مثّلت نسبة 136 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الخام سنة 2014، في حين كان مجموع المديونية لا يمثل سوى 63 في المائة خلال سنة 2013، وذلك حسب النسبة التالية: «الناتج الخام للمغرب هو 112.552 مليار يورو لسنة 2014. دين المغرب هو 136% من هذا المبلغ، ما يعني أن دين المغرب هو 153.07 مليار يورو».

و الفرق بين "كريديات" المواطن و "كريديات" الحكومة أن الأول إن لم يدفع في اخر الشهر للمؤسسة التي أقرضته سيكون مصيره دخول السجن ، بينما قروض الثانية تجعلنا في "تبعية" مطلقة لسياسات البنك الدولي و هو ما يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من مستقبل غامض ينتظرنا ، لكن رغم الاختلافات يشترك المواطن و الدولة في نفس الهم ألا و هو "الطريطات" ، فإلى متى سنظل نعيش مقيدين ب"طريطات" تفرغ جيوبنا و تملأ أرصدتهم؟


المصدر: هبة بريس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

$.each($('a[name]'), function(i, e) { var elem = $(e).parent().find('#postviews').addClas